توفيت الأحد الماضي الكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي، عن 90 عامًا، مخلفة وراءها حالة من الجدل لا تقل عن تلك التي أثارتها خلال سنوات عمرها، وأجرى البعض استفتاء على مواقع التواصل كانت نتيجته أنها “من أهل النار”.
وينظر البعض للسعداوي على أنها “ايقونة النضال النسوي في مصر”، فيما يعتبرها آخرون نموذجًا للعلمانية القائمة على مناهضة كل ما هو ديني، وحسب.
وتركت السعداوي أكثر من أربعين مؤلفًا تدور كلها في فلك الحقوق والحريات ومناهضة العنف الجنسي، ومخالفة الكثير من النصوص الدينية المتعلقة بوضعية المرأة وحقوقها، فضلًا عن معارضة الاستبداد السياسي.

المولد والتعليم
ولدت نوال السعداوي في 27 أكتوبر تشرين الأول 1931 في قرية كفر طحلة درست الطب في جامعة القاهرة، وظلت طوال هذه السنوات مدافعة شرسة على الحقوق و الحريات، وهي من أبزر الوجوه الحقوقية التي لطالما تمسكت بدفاعها عن المرأة المصرية بصفة خاصة و المرأة العربية بصفة عامة.
عرفت نوال السعداوي بمواقفها الثورية، هي التي لم تقبل بغير المساواة بين المرأة الرجل، فكتبت عن المرأة و عن الدين و عن الجنس متحدية الأعراف والتقاليد، وسعت بكاتباتها إلى تحرير المرأة المصرية، وقد ترجمت كتبها إلى أكثر من 20 لغة حول العالم.
انتِ مسكينة وملعوب بعقلك وليس انتِ وحدك بل كثير من فتيات المسلمين الطيبات انخدعوا ورا نوال السعداوي المجرمه وغيرها
تخيلي واحد يقول ابو جهل في جهنم وانتي تقولي
الجنة والنار مو بيدك
انتِ فاهمه ايش قاعد تكتبين ؟
— علي سبتي الغبيشي الزهراني (@rawames) March 24, 2021
في العام 1981، أسست نوال السعداوي مجلة “المواجهة”، وهي مجلة نسوية. وكتبت منذ ذلك الحين: مذكرات طبيبة، معركة جديدة في قضية المرأة، تعلمت الحب، توأم السلطة والجنس، رحلاتي في العالم، أوراق حياتي، مذكرات في سجن النساء، سقوط الإمام.
تعرضت السعداوي لتضييق وتهديديات وصلت إلى حد المطالبة بسحب الجنسية المصرية منها، لكن محاولات اسكاتها بائت بالفشل. كما تم سجنها.
نالت نوال السعداوي عدة جوائز دولية اعترافًا بنضالها في سبيل الحقوق والحريات، كان أبرزها جائزة مجلس أوروبا مجلس أوروبا سنة 2004 وجائزة إينانا الدولية سنة 2005 وجائزة شون ماكبرايد للسلام سنة 2012.
وأوصت السعداوي بعدم إقامة جنازة لها وقصر مراسم الدفن على أولادها وأسرتها فقط.

جدل لم ينته
في كتابها الوجه الخفي لحواء وصفت خضوعها في سن السادسة للختان المؤلم على أرضية الحمام، مما لعب دورًا في قيامها بحملة ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (الختان) طوال حياتها، واعتبرتها أداة تستخدم لقمع النساء، وحتى بعدما تم حظر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر عام 2008، استمرت السعداوي بإدانة استمرار انتشاره.
رحم الله المفكرة والاديبة نوال السعداوي
وقد كشف موتها ازدواجية وفصام العقل العربي
حيث نباهي بما قدمته من فكر وادب امام العالم
ثم فيما بيننا نصمها بأبشع التهم
مثلها في ذلك مثل كل علماء ومفكري هذه الامة المنكوبة
امثال ابن سينا والفارابي وغيرهم— عمرو العطار (@amralattar54) March 24, 2021
تخرجت السعداوي بدرجة البكالوريوس في الطب من جامعة القاهرة عام 1955 وعملت كطبيبة، وتخصصت في الطب النفسي، ثم شغلت منصب مديرة الصحة العامة في الحكومة المصرية، لكنها أُقيلت في عام 1972 بعد نشر كتابها “المرأة والجنس” الذي انتقد ختان الإناث والقمع الجنسي للمرأة، بالإضافة إلى إغلاق مجلتها عام 1973.
غير أن هذا كله لم يوقفها عن التحدث أو الكتابة، ففي عام 1975، نشرت رواية “امرأة عند نقطة الصفر” وهي رواية تستند إلى قصة واقعية لامرأة محكوم عليها بالإعدام كانت قد التقت بها وتعتبر من أهم رواياتها وأكثرها تأثيرًا.
في سبتمبر أيلول 1981، تم القبض على السعداوي ضمن حملة الاعتقالات الشهيرة التي معارضي الرئيس الراحل أنور السادات، وبقيت في السجن ثلاثة أشهر، كتبت خلالها مذكراتها على ورق التواليت، مستخدمة قلم حواجب تم تهريبه لها.
بعد اغتيال السادات، أطلق سراحها، لكن عملها تعرض للرقابة وحظرت كتبها، وفي السنوات التي تلت ذلك، تلقت تهديدات بالقتل من جماعات إسلامية، وخضعت للمحاكمة، وفي النهاية تم نفيها إلى الولايات المتحدة.
انتقدت الكاتبة الراحلة الحجاب وطالبت بحظر النقاب واعتبرت أنه “لا يعبر عن الأخلاق” وأكدت في الوقت ذاته على موقفها الرافض للملابس الكاشفة والماكياج ومحاولة تسليع المرأة.
عادت السعداوي إلى مصر عام 1996، وشاركت في انتفاضة يناير كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك.
عارضت السعداوي أيضًا الرئيس الراحل محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ولاحقًا أيدت الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي مقابلة مع “بي بي سي”، قالت إنها ترى السيسي أفضل مليون مرة من كل من السادات ومبارك، مضيفة: “أنا أحكم على نفسي، قبل ثورة 2011 تحت حكم السادات ومبارك كنت ممنوعة من الكتابة، بعيش في المنفى داخل مصر وخارجها، حاليًا أنا أكتب بالأهرام”.

أثارت وفاة السعداوي جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، التي عجَّت بالهجوم والهجوم والمضاد. وانقسم المتابعون بين من اعتبرها من الكاتبات النسويات الأكثر تأثيرًا في العالم العربي وأنها تصدت بشجاعة للمجتمع الذكوري التقليدي، وبين من اعتبر موتها “عقابًا إلهيًا” ولا يجوز الترحم عليها. وكانت حالة الشماتة غالبة على كثير من التعليقات.
الناس إللي عارفه مين هيدخل الجنه ومين داخل النار ارجوكم ممكن متحرقولناش الاحداث 😊
— Raniah Yousief (@RaniahYousief) March 22, 2021
ووصل الأمر لتنظيم غرف نقاش على كلوب هاوس عن “هل يجوز الترحم على السعداوي” وأخرى عن “هل تابعت غرفة هل يجوز الترحم على نوال السعداوي،”، ثم أجرى البعض استفتاءً بشأن مصيرها كانت نتيجته أنها “من أهل النار”.